هل أزالت الثورة المضادة في تونس الأوهام؟
الانقلاب على مؤسسات الدولة ومنجزات الثورة والحياة السياسية وحتى الاجتماعية، الذي نفذه رئيس الجمهورية التونسية (قيس سعيّد) وما تبعه من إجراءات متواصلة اتخذها وما زال لصناعة دولة بوليسية دكتاتورية، لا تقل وحشية واستبدادا عن حكام من خلفيات عسكرية وأمنية. وهو الرجل الذي تفاءلت به الجماهير كونه من خلفية قانونية وأكاديمية مدنية صرفة، وليس كبعض أقرانه، ولا مثل المخلوع الهارب زين العابدين، القادمين من مجاميع عسكرية وأمنية، بل دأب وحرص على عدم استخدام الدارجة التونسية في خطاباته، مستخدما عربية فصيحة، يضغط على حروفها وكلماتها، لا كما القادمين من الجيش والأمن ممن حتى حين يقرؤون كلمات مكتوبة، وربما تدربوا عليها يخطئون وتجتاحهم التأتأة، وتداخل الدارجة مع الفصيحة في كلامهم. بل كان الرجل محل تندّر في مبالغته في استخدام نصوص مرقومة بخط اليد والحبر العادي، في محاكاة لحكام قرون خلت، تمتاز بطولها مع أنه كان يمكنه استخدام التقنيات الحديثة واختصارها. وإذ به يسعى حثيثا للسيطرة على كل السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وتهميش الحياة النقابية، وصار بيدقا واضح المعالم للثورة المضاد...