الحركات الشيعية أخطأت في حساباتها أيضا!

الحركات الشيعية أخطأت في حساباتها أيضا!
بقلم:سري سمور
تنظير يملأ الفضاء مفاده بأن الحركات الإسلامية السنية، التي مارست العمل السياسي،لا سيما الإخوان المسلمين، قد وقعت في خطأ بل أخطاء في الحسابات والتقديرات؛ فقد وضعت بيضها في سلة الدول الخليجية، فانقلبت هذه عليها، باستثناء قطر، التي أيضا اضطرت للسير في الركب، وبأنهم(الإخوان) تسرعوا في التقدير أن نظام بشار الأسد سيسقط بسرعة وبنوا مواقفهم وسياساتهم بناء على هذا الحساب الخاطئ، وأنهم راهنوا على سرعة سقوط انقلاب السيسي بمظاهرات واعتصامات وحرب إعلامية عبر بعض الفضائيات، ولكن لا بشار سقط، ولا السيسي رحل...حسنا،في المقابل هناك نوع من إظهار الحركات الشيعية ومن خلفها إيران على حالة كبيرة من الحسابات الدقيقة الذكية في خطواتها.
 واسمحوا لي يا محترمين أن أبين بالتاريخ القريب نسبيا أن الخطأ لا يخص شيعيا ولا سنيا في العمل السياسي،فالكل معرض للوقوع في حسابات خاطئة،وأرى أن حسابات الحركات الشيعية كانت أكثر إيغالا في الخطأ:-
1)   إبان ما عرف أمريكيا بعاصفة الصحراء(1991) استغل حزب الدعوة والمجلس الأعلى(جماعة الحكيم) وغيرهما الفرصة بدعم إيراني لوجستي وبشري،فأدخلوا كميات هائلة من السلاح إلى البصرة وشتى محافظات الجنوب العراقية، وأدخلوا عناصرهم وحركوا الخلايا النائمة، وشجعوا الناس على التمرد والثورة.
2)   لقد كان تقديرهم أن الغرب والعرب معنيون بتدمير وتحطيم نظام البعث وإنهاء حكم صدام حسين آنذاك، وأن الفرصة سانحة للاستقلال الفعلي للمحافظات ذات الأغلبية الشيعية.
3)   تمكن الثوار(المتمردون) من تدمير كافة فروع الأمن والمخابرات،ولم يعد هناك قاعدة بيانات في المناطق المتمردة...وعمليا كان الجنوب قد استقل عن سلطة الدولة العراقية التي تحاول جاهدة تجنب بطش آلة الحرب الأمريكية الرهيبة التي تسحقها وتدمرها وتقتل وتأسر أفراد جيشها.
4)   لكن الخطأ الإيراني في الحسابات تبين بعد هذا النصر المؤقت، حيث أن الأمريكان وحلفاؤهم العرب، لم يكونوا ليقبلوا بطرد صدام من الكويت وتدمير قدراته العسكرية مقابل وجود كيان شيعي في الجنوب على حدود السعودية والكويت.
5)   تجلى هذا الرفض بسماح القوات الأمريكية للمروحيات العراقية،و لتعزيزات برية بقيادة حسين كامل حسن وعلي حسن المجيد ورئيس الوزراء حمزة الزبيدي بالتحرك إلى الجنوب لسحق التمرد الشيعي، يسميه الشيعة (الانتفاضة الشعبانية).
6)   تحدثت بعض المصادر عن اتصال ساخن بين الملك فهد وجورج بوش،أ عرب فيه الملك بوضوح بأنه لن يقبل بوجود هذا الوضع الشاذ على حدود المملكة، وأنه يفضل قوة محدودة داخليا لصدام حسين على وجود كيان شيعي تابع لإيران.
7)   تم سحق التمرد الشيعي بمنتهى القوة والبطش (في التعليق الأول يظهر أحد فيديوهات القمع) ولم تكن تقنيات التصوير متوفرة بأيدي الناس كما هي اليوم ولكن كل الشواهد تؤكد أن القتل والتعذيب والتدمير كان سمة بارزة تلك الأيام، وكان الجيش الأمريكي يتفرج ويتيح المجال للقوات العراقية الجوية والبرية بالتحرك بكل حرية لسحق التمرد، الذي قام على حسابات خاطئة!
8)   واستمر النظام العراقي بعدها 12 سنة،وكانت محافظات الجنوب تحت حكم بوليسي قمعي، خوفا من تكرار التمرد.
9)   ربما الحسابات الخاطئة هي التي دفعت إيران إلى التركيز على منطقة حساباتها معروفة وواضحة وفيها الأبيض والأسود فقط؛ حيث زادت إيران من دعم وتقوية حزب الله الذي تصاعدت عملياته منذ تلك الفترة ضد إسرائيل وجيش لحد، بدل محاولات يائسة لإسقاط صدام حسين.
هذا مثال صارخ على أن الحركات الشيعية تقع في الحسابات الخاطئة، وبأكثر بل بأضعاف ما يقع فيه نظراؤها من السنة؛ بل إن الخطر الذي يتهدد بشار الأسد اليوم أكثر مليون مرة من الذي تهدد صدام في 1991 ومهما كان الحال فلن يعود لحكم القطر السوري كاملا بأي شكل، كما أن السيسي والحكم العسكري لا يعيشون حالة مستقرة أو وضعا يوحي بقرب الاستقرار أو الاستمرار لأكثر من 5 سنوات!

فالكل يخطئ في حساباته، مهما كان مذهبه أو من يدعمه، فلا يعيبن أحد على أحد!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة القُطرية الحديثة تمنع إنقاذ الأقصى!

ونحن نعيش ذكرى فتح القدس...