لماذا إسرائيل فقط؟

 لماذا إسرائيل فقط؟







لماذا إسرائيل فقط؟

 بقلم:سري سمور

}إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا {-سورة الإسراء 7

بناء على حسابات رقمية واعتبارات لأحداث تاريخية، قام الشيخ(بسام نهاد جرّار) وهو أحد الشيوخ المعروفين بنشاطهم الفكري، والنباهة والتميز في تفسير القرآن الكريم، ومؤسس ومدير (مركز نون للدراسات القرآنية) في مدينة البيرة/ رام الله في الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة، بطرح(نبوءة) خلاصتها أن إسرائيل ستزول في هذا العام 2022م(1443ه).

كان ذلك قبل حوالي 30 عاماً، وقد سطّر هذه النبوءة في كتاب مطبوع ومتوفر منه نسخة إلكترونية، وشرحها الشيخ وناقشها في كثير من المساجد والجامعات والمراكز وعبر شاشات بعض القنوات الفضائية؛ وأنا هنا أحيل من يريد التعرف أو الاستزادة إلى مصادرها، ومصادر من يعترض عليها أو يتحفظ أو استشكل عليه شيء، أيضاً موجودة في مواقع وصفحات كثيرة.

أما الشيخ (أحمد ياسين) في شهادته على العصر مع الإعلامي في قناة الجزيرة(أحمد منصور) قبل حوالي ربع قرن فقد قال بأنه في عام 2027م لن يكون هناك إسرائيل، وكانت رؤية الشيخ أحمد ياسين-رحمه الله- تقوم على تغير الأجيال.

https://www.youtube.com/watch?v=CjpeJ4IOgjQ

وفي ذروة انتفاضة الأقصى وتداعياتها كتب(أبراهام بورغ) رئيس الكنيست الإسرائيلي(البرلمان) في الفترة(1999-2003) مقالاً قال فيه "أننا يجب أن نبحث لنا عن مكان آخر نعيش فيه" وكان هذا في سنة 2002 مما عزز إمكانية زوال وتفكك الكيان العبري في 2022، وقد تناولت قناة الجزيرة مع ضيفها الخبير في الحركة الصهيونية الراحل د.عبد الوهاب المسيري ما قاله بورغ أيضا:-

https://www.youtube.com/watch?v=pln0QuwAtuY

 

قبل عشرة أعوام وتحديداً في 2012 نقل  عن (هنري كيسنجر) ثعلب السياسة الأمريكية أنه لن يكون هناك(إسرائيل) بعد عشر سنين.

وفي ذات العام قدمت مؤسسات استخباراتية أمريكية تقريراً إلى بارك أوباما أن إسرائيل بعد عقد من الزمن(أي في 2022) لن تكون موجودة.

وللأمانة في النقل فإن ما نسب إلى كيسنجر وإلى وكالات استخباراتية أمريكية يظل محل شك، نظرا لأنه اعتمد على (نقل عن ناقل غير دقيق) وهناك شبهات، مع أن الكاتب الأمريكي (فرانكلين لامب، توفي في 2018) نشر معلومة الـ16 مؤسسة استخباراتية التي قدمت تقريرا من 82 صفحة، في مقال له في مجلة فورين بوليسي في آب/أغسطس 2012 ولكن الكاتب المذكور معروف بأنه من المهووسين بنظرية المؤامرة، والمجلة المذكورة(FPJ) نوهت أنها ستتأكد من المعلومة الواردة في مقالته.

على كل سواء صح الخبر عن كيسنجر أم عن المصادر الاستخباراتية الأمريكية فإن ثمة دراسة روسية أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية والتقنية المستقل في موسكو في 2002 تؤكد على ذات الفكرة والمعنى.

يضاف إلى ذلك تصريحات وفلتات لسان أو ربما صراحة من قادة نافذين سابقين أو حاليين في إسرائيل بأنهم يريدون لها أن تعيش وتستمر حتى 80 سنة أو مئة سنة كأحد    (الأمنيات العظيمة) والآمال الكبيرة.

لماذا هذا الحديث مختلف ومتعدد المصادر، يقال فقط عن(إسرائيل)؟

لا يوجد أي كيان في العالم يتحدث عنه أحد من حيث مبدأ الزوال أو الاستمرار إلا(إسرائيل) فهل سمعتم يوماً عن احتمال إزالة العراق أو سورية أو مصر أو الصومال أو بريطانيا أو موزمبيق؟

قد نتحدث عن تغيير نظام في دولة، أو حتى تقسيمها أو إضعافها أو إخضاعها أو تغيير وظيفتها، ولكن ليس إزالتها من الخريطة السياسية، والاستثناء هو(إسرائيل) فالحديث دوماً يدور حول خطر يتهدد وجودها، وتقديرات عن عمرها الافتراضي.

احتل الأمريكان العراق في 2003، وفعلياً كانوا قد فصلوا شماله عن وسطه وجنوبه منذ 1991 وفعلوا في بلاد الرافدين ما فعلوه من تدمير وقتل وإفساد ولكن هل زال الوطن أو الكيان أو الحيز الجغرافي الذي يحمل اسم العراق؟ أليس العراق هو العراق مع كل ما لحق به من دمار وما أصابه من أهوال، وربما هذا ينسحب على سورية كذلك؛ فمع كل الدمار الذي حلّ بها، وتهجير وتشريد ملايين من شعبها إلا أنها لا تزال(سورية).

إسرائيل كما لا يخفى عليكم كيان أو دولة قامت على أرض فلسطين بوحشية السلاح ورعاية بريطانيا وأمريكا وقوى عظمى وكبرى أخرى بعد قتل وتهجير مئات الآلاف من شعبها العربي.

ومع أن إسرائيل قامت على جلب مهاجرين يهود أو من يزعمون أنهم يهود من شتى أصقاع الأرض، ولكنها لم تتمكن من تحقيق نمو سكاني يتناسب مع سنوات عمرها(74سنة) لدرجة أن عدد العرب الفلسطينيين بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط أي أرض فلسطين الانتدابية، أكثر من عدد اليهود بما يربو على مئة ألف نسمة، وهذا يعتبر فشلاً وإخفاقاً للمشروع الصهيوني، الذي حاز كل الإمكانيات المادية التي ربما لم تتوفر لاحتلال إحلالي آخر في العصر الحديث...وهذا يذكرنا بمصير الممالك الصليبية قبل ألف سنة، ومع أنها حازت أراض أكبر من الكيان العبري الحالي ولكنها هزمت وتفككت تباعا ثم صارت أثرا بعد عين.

ومن ناحية أخرى لم تستطع إسرائيل أن تتحول إلى دولة عادية تتفاعل وتندمج مع البيئة والمحيط، وظلت مسكونة بالهواجس الأمنية، وعقلية التحصن والتوجس، وما يسميه د.عبد الوهاب المسيري(المعبد- القلعة) فإسرائيل قلعة أو حصن بمواصفات عصرية حديثة؛ حيث عندها قنابل نووية  وتحيطها الجدر الإسمنتية والحديدية المزودة بالتقنيات والمجسات الإلكترونية، وعصبها وعمادها هو جيشها فقط، وهي لذلك لا تتحمل هزيمة عسكرية ولو مرة واحدة، بعكس الدول والكيانات الطبيعية التي قد تنتصر تارة وتهزم تارة أخرى.

ومع ذلك لا تبدو المؤشرات الحالية والظروف الموضوعية مشجعة على تبني نظرية إزالة أو زوال إسرائيل؛ فإسرائيل تحظى بدعم ورعاية شبه مطلقة من الولايات المتحدة، وبقية الدول العظمى والكبرى كذلك تقيم معها تحالفات، وهي دوماً تؤكد على أن أمن إسرائيل هو الثابت غير القابل للتغير في سياساتها وتعاطيها مع ملفات المنطقة، وهو أولوية الأولويات.

وإسرائيل نفسها في وضع أفضل من العرب؛ فمع أن الفساد يعشش فيها، ولكنها أقامت نظاماً فيه تداول للسلطة ولها برلمان نشط وفعّال، بينما محيطها العربي يئن تحت وطأة منظومة استبدادية قمعية متخلفة، تسوس الناس بالحديد والنار والقهر؛ وإسرائيل مع كل ما فيها من فساد إلا أنها استطاعت توفير نظام تكافؤ فرص لأفرادها(اليهود طبعاً) فيم المحيط العربي عماده المحسوبيات وتقديم أهل الولاء على أصحاب الكفاءة؛ بل دفع الكفاءات نحو الهجرة أو العزلة والإحباط.

وفوق ذلك تتفوق إسرائيل في مجال الاستخبارات على الأعداء والأصدقاء، وترصد كل شاردة وواردة، وتمتلك جيشاً، بل هي عبارة عن جيش له دولة، وهذا الجيش ليس مقاولاً للمعكرونة والإسمنت، وهو متفوق جويّا وتقنيا على كل جيوش العرب، وسلاحه وعتاده متجدد دوما بأحدث وآخر الابتكارات في مجال التصنيع الحربي.

ومن ناحية أخرى فإن العرب رسمياً تركوا فكرة إزالة إسرائيل أو حتى مواجهتها، بل ذهب بعضهم إلى التحالف أو التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي معها.

فهل الهياكل السياسية والاجتماعية العربية وحتى المسلمة في وضعها الحالي قادرة على إلحاق الهزيمة بإسرائيل أو حتى مجرد التصدي لها؟

وهنا يجب ألا نغفل عن حقيقة تزامن بناء الكيانات والوحدات السياسية والعسكرية العربية مع بداية المشروع الصهيوني ونموّه وتوسعه؛ فهل الدول العظمى التي رعت الكيان الإسرائيلي غبية أو ساذجة كي تقيم بجواره دولاً قوية تملك قرارها أو قادرة على التغلب عليه، فبناء الكيان العبري تزامن مع بناء كيانات عربية إما عاجزة أو متآمرة أو لا تنظر إليه كخطر داهم، أو عدو غادر، يجب التصدي له.

وهذا يقودنا إلى مرحلة أو تجربة مريرة سابقة حين احتُلت القدس وأجزاء من بلاد الشام من جيوش وأوباش الفرنجة، كيف كان التحرر منها وتطهير المسجد الأقصى من دنسها ليس على يد الفاطميين ولا العباسيين، بل بأطر ووحدات سياسية وعسكرية تبلورت وقاومت وكبرت، وتقدمت وتراجعت وهادنت وساومت وجاهدت وبذلت، حتى صارت كياناً مستقلاً فاعلاً أنجز التحرير.

في كل الأحوال سواء كان هذا العام 2022م هو عام نهاية وزوال إسرائيل أو بداية زوالها أو ظهور معالم واضحة على النهاية المؤكدة، أم كان هذا الكلام أو الحكم سابقاً لأوانه فإن مجرد الحديث عن هذا الأمر هو دلالة على أن إسرائيل ستزول دون أن تعمّر في المنطقة.

ومما يزيد قناعتنا أن هذا وعد رباني جاء في القرآن الكريم، وفلسطين لا يعمر فيها ظالم.

والله غالب على أمره.

 ،،،،،،

تم نشره في يوم الأربعاء 16 جمادى الآخرة  1443هـ ،19/1/2022م

https://www.aljazeera.net/blogs/2022/1/19/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%82%D8%B7%D8%9F

 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة القُطرية الحديثة تمنع إنقاذ الأقصى!

ونحن نعيش ذكرى فتح القدس...