ملاحظات سريعة حول كتاب أقوم قيلا لسلطان الموسى

أقوم قيلا
كتاب المؤلف الشاب:سلطان الموسى

سري سمّور
المؤلف شاب من مواليد 1978م وهذه ميزة للكتاب، ولا أقول أننا نعاني من ندرة المؤلفين الشباب، ولكن في مادة الكتاب حسب علمي المتواضع فإنك لن تجد كثيرا من الشباب من غير أهل الاختصاص قد ولجوا في هذا الباب وتناولوا هذه المادة.
 والمادة سهلة وسريعة الهضم، وللمهتم الذي لا يجد وقتا ولا عزما للإبحار في كتب مقارنة الأديان، والدراسات المطولة، فإن الكتاب الذي بين أيدينا يعطيه فكرة موجزة كافية، أما من درس وغاص في كتب الأديان والفلسفات الإنسانية، فإن الكتاب يعطيه خلاصة وتركيزا لما درسه.
ولا يعتمد الكتاب على حصيلة قراءات ودراسات قام بها المؤلف فقط، مع أن هذا تجده واضحا في الكتاب؛ بل على زيارات وحوارات مباشرة، ورحلات إلى أماكن شتى قام بها المؤلف، وهذا جهد طيب، في زمن صار فيه البحث عن الحقيقة عملة نادرا، على الأقل عند الدارس العربي لأسباب نعرفها، والدافع كان-حسبما يوضح المؤلف- أنه التقى شخصا ملحدا أثناء زيارة إلى لندن، واكتشف أنه بحاجة إلى أن يدرس ويتعمق في مجال الأديان ودحض الشبهات الإلحادية.
يناقش الكاتب العديد من الشبهات ويسد أبرز الثغرات التي قد تواجه المسلم عند الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى أو من لا يؤمنون بأي دين، بأسلوب مختصر سريع ولكنه لا يخلو من التشويق والدقة، ولا يغرق في التأصيل والتفريع وبسط المراجع الذي غالبا ما يشتت القارئ غير المختص، وإن كان حاضرا لضرورة عرض الفكرة.
لست أول ولن أكون آخر من يخط سطورا عن الكتاب، وكأي كتاب فإن له زوايا مختلفة وكل قارئ ينظر من الزاوية التي تعنيه أو التي يرى أنها تعطيه نظرة شاملة عن المصنّف، ومن وجهة نظري فإن الكتاب على قلة عدد صفحاته نسبيا(223 ص) مقارنة مع الموضوع الذي يناقشه، يمثل قفزة جيدة تبعد المهتم عن الملل الذي قد ينتابه عادة إذا قرر عمل مقارنة للأديان مع بعضها أو مع الفكر اللاديني، حيث سيضطر إلى الدخول في التبويب والتأصيل والغرق في نصوص طويلة قد تشتت ذهنه، وفي النهاية لن يخرج بعد قراءتها إلا بفكرة في فقرة؛ وسلطان الموسى يأتيك بالفقرة تلو الفقرة.
هل معنى ذلك أن الكتاب يفيد فقط الكسالى غير الراغبين في التعمق والدراسة التأصيلية؟لا طبعا، وإن كانت تلك الفئة ستستفيد إذا أرادت؛ ولكن كثيرا منا من غير أهل الاختصاص، وبحاجة إلى مناقشة ومعرفة أجوبة مركزة حول قضايا وشبهات مختلفة، ولو أراد الجري وراءها فإنه سيحتاج وقتا، ربما أنفع له أن يقضيه في دراسة أشياء أخرى، ما دام بين يديه أجوبة...أستطيع القول بأن الكتاب أشبه بقاموس مختصر في مجال مقارنة الأديان.
ولن أدخل في تفصيلات فصوله ومواضيعه وسأدعها للقارئ كي يحكم عليها بنفسه، وبهذا لا أحدد لك الزاوية التي تنظر منها إلى الكتاب، بل حددها أنت بنفسك.
ولكن السؤال المنطقي، وقد تطرق له الكاتب بالمناسبة، هو:أليس من الطبيعي على شاب مسلم أن يدافع عن دينه حينما يقارنه بالأديان والأفكار الأخرى، فيبرز خصائص دينه والثغرات والخلل في بقية الأديان؟الحقيقة أنني لم أنظر للأمر من هذه الزاوية، فقد قلت أننا مسلمون، ولكن هل نمتلك أدوات كافية لننافح عن ديننا ومعتقداتنا؟ألم يتحول مسلمون نحو أديان أخرى ونحو الإلحاد؟هل نكتفي برميهم بضعف الإيمان ثم نمضي؟ألا يجب أن يكون لدينا كتب ومؤلفات طابعها المقانرة والمحاججة المسنودة إلى الاطلاع على معتقدات الآخرين؟هذه نظرتي، وللقارئ الحق في تبنيها أو النظر فقط إلى مسلم يدافع عن دينه ويريد أن يظهره كأفضل من غيره، مع أن هذا ليس فيه مذمة بل على العكس تماما.
وشخصيا أتمنى أن يتحفنا سلطان الموسى بالمزيد من مثل هذه الكتب.
روابط متعلقة:-

،،،،،،،،،،
سري سمّور

30 محرم الحرام 1438هـ،31/10/2016م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدولة القُطرية الحديثة تمنع إنقاذ الأقصى!

ونحن نعيش ذكرى فتح القدس...