الاختراعات العلمية تزيد نسبة البطالة

الاختراعات العلمية تزيد نسبة البطالة

الاختراعات العلمية تزيد نسبة البطالة
بقلم:سري سمّور

طالعتنا الأخبار بأن هناك سيارات ذكية تعمل بدون سائق أي ذاتية القيادة،وتتواصل مع غيرها،ولها ميزات تتعلق بالرفاهية وتخفيف التوتر للراكب ومزودة بتقنيات حاسوبية، ونسبة الأمان فيها أعلى من السيارات الأخرى، وقد أعلنت بعض شركات تصنيع السيارات الكبرى مثل نسيان وبي أم دبليو وتويوتا عن هذا الاختراع والتطوير الجديد في عالم السيارات،سبحان الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم،وفي المقابل أمام الزهو بهذا الاختراع وبغيره،يجب ألا ننسى أن هذا الاختراع ومعه بعضا أو كثيرا من الاختراعات تنطوي على الاستغناء عن العامل البشري،مثل السائق في السيارة مثلا،وبالتالي زيادة تلقائية في عدد العاطلين عن العمل،وارتفاعا ملحوظا في نسبة البطالة.
فقبل اختراع الروبوت مثلا كانت المصانع مضطرة إلى تشغيل أيدي عاملة،وكل يد عاملة هي معيلة لأسرة غالبا،وعليه فإن كل روبوت في مصنع قد حل محل أسرة،بلا مبالغة،ولعل كل اختراع إنساني تقريبا قد قلل من الحاجة إلى اليد العاملة البشرية.
أنا أتبنى تعريفا للتكنولوجيا هو أنها:تفعيل العمل والإنتاج بوقت وجهد وكلفة أقل، فمثلا الجرّار الزراعي(التراكتور) مع أنه قلل من حاجة الإنتاج الزراعي إلى الأيدي العاملة، إلا أنه ينجز مهمة حراثة الأراضي الزراعية في وقت أقل، وفي هذا السياق نتذكر كيف أن المجتمعات الزراعية كانت تحرص على إنجاب أكبر عدد ممكن وتحبذ إنجاب مواليد ذكور، كي يقوموا بمهمة فلاحة الأرض(حراثتها وزراعتها وسقيها إذا لم تكن بعلا،ثم جني المحاصيل) وبالتقنيات الزراعية الحديثة لم يعد هناك حاجة إلى فكرة الكثرة في عدد أفراد الأسرة،فالتقنيات الزراعية تؤدي المهمة بسهولة.
واختراع الحاسوب(الكمبيوتر) وتطويره قلل من الجهد المبذول في أمور حياتية كثيرة، ولكنه قلل من الاعتماد على العنصر البشري كثيرا، بل إن التقنيات البرمجية وما شهدته وتشهده من تطور هائل متسارع، جعلت حتى المختصين في هذا العلم يجدون صعوبة في الحصول على عمل.
فمثلا قطاع البنوك قبل دخول الكمبيوتر كان مضطرا إلى توظيف عدد أكبر لإنجاز الأعمال المختلفة؛ هل معنى ذلك أن البنوك ليست بحاجة إلى الكمبيوتر؟لا طبعا ليس هذا ما أرمي إليه، ولكن زيادة الاعتماد المصرفي على التقنيات الذكية والتي لا تقتصر على العمليات الحسابية، أو الطباعة وأتمتة التعاملات، وقواعد البيانات ونظم المعلومات، بل تعداها إلى معظم التعاملات بين المعتمد(عميل البنك) والبنك، وهذا التطور قد قلل من حاجة البنوك إلى الأيدي العاملة(موظفين أو غيرهم) بلا شك.
وبالنسبة لمجتمعاتنا العربية فإن المشكلة كبيرة،فنحن نلحظ زيادة مطردة في أعداد الخريجين الذين يحملون شهادات جامعية ولا يجدون عملا،صحيح أن الأمر لا يُعزى فقط إلى التطور التكنولوجي والاختراعات، ولكن هذا عامل ساهم أيضا في ارتفاع نسبة البطالة بين خريجي الجامعات.
وعليه أرى أن يكون التعامل مع التقنيات والاختراعات ،والتي للأسف لسنا من أصحابها بل نحن نشتريها ونستخدمها فقط، قائما على مراعاة الحاجة الملحة لتشغيل العاطلين عن العمل،وأن يكون للأمر بعد إنساني،وأن نقلص من استيراد تقنيات تفيد فئة قليلة من أصحاب الأموال وقلة من عامة الناس، وفي الوقت نفسه تجعل العمل والإنتاج في غنى متزايد عن العنصر البشري سواء أكان عاملا أو حرفيا أو موظفا إداريا...يجب ألا تحل الآلة محل إنسان يبحث عن عمل، لأن الضرر الناجم عن البطالة أكبر وأهم من الضرر الناجم عن عدم ملاحقة اختراعات الدول الأخرى.
،،،،،،،،،،
الأربعاء 22 ربيع الأول  1438هـ ، 21/12/2016م
من قلم:سري عبد الفتاح سمّور(أبو نصر الدين)-جنين-أم الشوف/حيفا-فلسطين

تويتر: https://twitter.com/SariSammour     @SariSammour  
مدونات:-



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ونحن نعيش ذكرى فتح القدس...

إسراء عيسى في رواية "حياة ممكنة" تحاول أن تحيك خيوطا لوحدة الوطن